تَرْبِيَّةُ اْلأَجْيَالِ الرُّوْحَانِيَّةِ

اَلْحَمْدُ ِلله ْحَمْدًا يُوَافِى نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيْدَهْ، يَارَبَّناَ لَكَ الْحَمْدُ، كَمَا يَنْبَغِى لِجَلاَلِ وَجْهِكَ وَعَظِيْمِ سُلْطَانِكْ. اَشْهَدُ أَنْ لاَ اِلَهَ اِلاَّ الله ُوَحْدَهُ لاَشَرِيْكَ لَهْ، وَاَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهْ. اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِناَ مُحَمَّدٍ، خَاتَمِ اْلأَنْبِياَءِ وَالْمُرسَلِيْنْ، وَعَلَى اَلِهِ وَاَصْحَابِهِ اَجْمَعِيْن.
أَماَّ بَعْدُ، قَالَ الله ُتَعَالَى فِى كِتَابِهِ الْعَزِيْزِ "رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيْمَ الصَّلَوةِ وَمِنْ ذُرِّيَتِى، رَبَّناَ وَتَقَبَّلْ دُعَآءْ".
لَقَدْ دَعَا إِبْرَاهِيْمُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمْ مِثْلَ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِى الْقُرْآنِ: "رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيْمَ الصَّلَوةِ وَمِنْ ذُرِّيَتِى، رَبَّناَ وَتَقَبَّلْ دُعَآءْ"
هَكَذَا، دُعَائُهُ فَيَلْزَمُ عَلَى اَبْناَئِناَ وَبَنَاتِنَا الْمُوَاظَبَةُ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، لِأَنَّهَا تُفَارِقُ بَيْنَ أَجْياَلِ الْمُسْلِمِيْنَ، وَغَيْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مُوَاصِلِيْنَ بِاْلأَجْياَلِ السَّابِقَةِ رَجَاءً عَلَى قِيَامِ اْلإِسْلاَمْ، عَلَى اَهْلِ السُّنَّهْ وَالْجَمَاعَةْ.
وَأَهَمِّيَةُ ذَلِكْ، اِعْطَائُهُمْ الْعُلُوْمَ النَّافِعَهْ، لِلدِّيْنِ وَالدُّنْياَ وَاْلأَخِرَةْ. وَقَالَ عَنِ ذَلِكَ الشَّيْخُ مُصْطَفَى الْغَلاَيَيْنِى "إِنَّ فِى يَدِ الشُّباَّنِ اَمْرَ اْلاُمَّةْ، وَفِى اَقْدَامِهَا حَيَاتَهَا".
قَضِيَّةُ اْلأَجْياَلْ هِيَ قَضِيَّةٌ ضَرُوْرِيَّهْ. كُلَّمَا كَانَ الْجَيْلُ بَعْدَ بُلُوْغِهِ اِلَى الْمَرَاهِقْ، يُرِيْدُ أَنْ يَتَأَمَّلَ اْلأَشْياَءْ، لاَسْتَعَلَتْ حَمَاسُتُهْ، وَسَهُلَ أَنْ يَتَأَثَّرَهُ مَاحَوْلَهُ مِنَ الْبِيْأَتِ الشَّنِيْئَهْ، قَلِيْلاً مَا الْبَعِيْدَةْ عَنْ شَرِيْعَةِ اْلإِسْلاَمْ، بَلْ يُضِلُّهُ اِلَى الْمُنْكَرَاتِ الْجَرِيْمَاتِ.
اِهْتِمَامًا بِذَلِكْ، يَلْزَمُ عَلَيْناَ تَرْبِيَّةُ اْلأَجْياَلْ وَمُرَاقَبَتُهُمْ اَشَدَّ الْمُرَاقَبَهْ وَبِأَهَمِّيَتِهِ أَنْ يُوَجِّهَهُمْ فِى يَوْمِيَّاتِهِمْ اِلَى اْلاَعْمَالِ اْلاِيْجَابِيَّهْ وَالنَّافِعَهْ.
كَمَا قَالَ اِمَامُنَا الشَّافِعِى رَحِمَهُ الله.ْ
حَياَةُ الْفَتَى وَاللهِ بِالْعِلْمِ وَالتُّقَى # اِذَا لَمْ يَكُوْنَا لاَاِعْتِبَارَ لِذَاتِهِ
وَبِالنَّظْرِ اِلَى الشَّرْحِ الْمَذْكُوْرِ، يَعْلَمُ أَنَّ اْلأَجْياَلْ مُوَجَّهَةٌ عَلَى أَمْرَيْنِ التَّالِيَيْنِ.
اْلاُوْلَى. اَلْعِلْمُ، فَتَكَوَّنُ الْعِلْمُ مِنَ الْعَامِ وَالْخَاصِّ.
الثَّانِى. اَلتَّقْوَى اِلَى الله،ْ وَيَحْتَوِى عَلَى اْلإِيْمَانِ وَالْعِبَادَةْ، وَاْلاَخْلاَقِ الْكَرِيْمَهْ.
حِلاًّ لِهَذِهِ الْقَضِيَّهْ الدَّقِيْقَهْ، يَلْزَمُ عَلَيْناَ تَرْبِيَّةُ اْلأَجْياَلْ، وَتَوْجِيْهُهُمْ بِتَرْبِيَةِ اْلاَخْلاَقِ الْكَرِيْمَهْ، وَتَرْبِيَةُ اْلأَجْسَامْ وَالْمَهَارَةْ.
اِخْوَانِى الْكُرَمَاءُ ....
لِلتَّرْبِيَّةِ ثَلاَثَةَ بِيْأَتٍ، لاَبُدَّ مِنَ اْلاِهْتِمَامِ بِهَا مِنْهَا.
اْلاُوْلَى. اَلتَّرْبَوِيَّهْ اْلاُسْرَتِيَّهْ
الثَّانِى. اَلتَّرْبِيَّهْ الرَّسْمِيَّهْ اَوِ الْمَدْرَسِيَّهْ
الثَّالِثُ. اَلتَّرْبِيَّهْ الْمُجْتَمَعِيَّهْ
اِخْوَانِى الْسُّعَدَاءُ ....
اِنَّمَا التَّرْبِيَّةُ فِى الْبِيْئَةِ اْلاُسْرَتِيَّهْ، هِيَ تَحْتَ اَيْدِى اْلاَباَءْ. فَتَقَدَّمُوْا لَهُمْ اُسْوَةٌ حَسَنَةً رُحَمَاءْ. اَمَّا الْبِيْئَةُ الثَّانِيَّهْ، فَهِيَ الْبِيْئَةُ الْمَدْرَسِيَّهْ. وَعَمَّ اْلاِسْتِمَاعُ بِهَا. وَالثَّالِثَهْ، هِيَ الْمُعَاشَرَةْ بَيْنَ الْمُجْتَمَعْ، وَعَلَى رَأْسِهَا بَيْنَ اْلأَجْياَلْ اَنْفُسِهِمْ، اَلَّذِيْنَ كَانَ بَيْنَهُمْ تأْثِيْرٌ قَوِيٌّ.
لِذَلِكَ، يَجِبُ تَوْجِيْهُهُمْ كَتَوْجِيْهِهِمْ اِلَى اسْتِيْعَابِ الْمَهَارَةْ، اَلرِّياَضِيَّهْ، اَوِ الْعُلُوْمِ الْخَاصَّهْ، اَوِ الدَّعْوَةْ اَوِ غَيْرِهَا.
وَلِلْأَبَآءِ مَعْرِفَةُ حَوَائِجِ اْلأَوْلاَدِ وَطَبِيْعَتِهِمْ ثُمَّ التَّالِيَةِ تُوْجِيْهُهُمْ إِلَى الْمَنَافِعِ وَلاَ إِلَى اِنْحِطَاطِ اْلأَخْلاَقِ رَجَاءً عَلَى كَوْنِهِمْ أَجْيَالاً كَأَجْيَالٍ فِى سُوْرَةِ الْكَهْفِ "إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوْا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى".
ثُمَّ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَبَيَّنَهُ الله فِى سُوْرَةِ لُقْمَانَ:
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ، يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيْمٌ. يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوْفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ اْلأُمُوْرِ. وَلاَ تُصَغِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى اْلأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُوْرٍ. وَاقْصُدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ اْلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيْرِ".
اِخْوَانِى السُّعَدَاءْ
باِلصَّرَاحَةْ، أَنَّ اْلأَجْياَلْ فِى يَوْمِيَّاتِهِمْ، تَلْعَبُ دَوْرًا هَامًّا بَيْنَ الْمُجْتَمَعْ، مِثْلُ مَا قَالَ اَحَدُ الْحُكَمَاءْ "شُباَّنُ الْيَوْم، رِجَالُ الْغَدْ". ثُمَّ مَرَّةً ثَانِيَهْ، اُؤَكِّدُهُمْ اَيُّهَا اْلأَجْياَلْ وَاُشَدِّدُكُمْ الْمُوَاظَبَةَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ النَّافِعْ، لِكَوْنِهِ لَهُمْ زَادً قَيِّمًا، اِذَا قَامُوْا مَقَامَ اْلاِمَامِ اَوِ الرَّئِيْسْ.